قبل وبعد..
عمان تايمز - Friday 11-11-2011 13:41
 سهى طوقان
العيد الاعياد محطات جد جميلة، نتوقف عندها في كل سنة من تداول ايام حياتنا، والتاريخ حكي لنا ان ليس هناك امة خلت حياتها من الاعياد، واغلب الظن ان هذا كان منذ اسس الانسان الكيانات المجتمعية بعد ان تزايدت اعداد الناس، وتنوعت مكوناتهم فصاروا أمما وصار لكل امة اعيادها، وصار لكل عيد طقوسه، ولكل عيد عاداته، تختلف هذه وتلك باختلاف الناس والاعياد. عندنا.. اعيادنا بشكل عام، تحمل ابعاد الزمن كلها.. الماضي.. والحاضر.. والمستقبل ففي كل عيد هناك.. «قبل العيد».. وهناك «في العيد» وايضا هناك «بعد العيد» هذه المحاور الثلاثة نبني عليها العديد من مواعيد نشاطات حياتنا حين يصبح العيد قريبا من محطة وصوله، وتصبح الايام الى ان يحل ضيفا بيننا معدودة، ويصير العيد بما له وما عليه شاغلنا الوحيد والاهم ويشغل حيزا كبيرا من تفكيرنا، عندها تبدا مفارقات عديدة: فقبل العيد..
الذي يصبح زمنا ماضيا يوم العيد، تربتط به مواعيد عديدة حين يكون هذا «القبل» موعداً للكثير مما يجب علينا انجازه من متطلبات ومطلوبات وقضايا ذات مساس بعادات وطقوس العيد، والغريب هنا ان «اللحظة الاخيرة» تبقى هي الاكثر انجازا مما لا بد من انجازا قبل العيد، فعلى الرغم من علمنا بموعد «يوم العيد» قبل زمن يفترض ان يكفي لانجاز ضعف ما يجب علينا انجازه الا ان شمس يوم العيد توشك ان تشرق ونحن نطارد الزمن وصولا الى حاجة لا يمكن ان يصل الينا العيد ان لم نوفرها ولو كان ذلك مجرد شراء «قهوة العيد» اما اعمال داخل البيت فهي التي تربك المراة حتى انها تسأل الله ان يؤخر العيد ولو لساعات رغم انه لو حدث هذا وتاخر قدوم العيد لجاء رجاء اخر يطلب تاخيرا اخر !
اما حين نصبح «في العيد» في الزمن الذي حددناه للقيام بطقوس وعادات لا يكون العيد عيدا في غيابها فان الايام.. ايام العيد.. طالت ام قصرت تبقى اعجز من ان تكفي لارضاء الطقوس جميعها والعادات كلها، فهناك دوما وجه تقصير لم نقدر على تبييضه حين يصلنا العتب من هذا لاننا لم نزره رغم انه زارنا في العيد السابق ويأتينا اللوم من ذاك حين نسينا معايدته هذا العيد قاصدين ومتعمدين ولاسباب لا يعلمها مما دفعه لمعاملتنا بالمثل، ولم يكن سباقا للخير سيبادرونا، ومع هذا يبقى «في العيد» ما هو الاجمل من كل الازمنه ذلك ان فيه فيضا من محبة وانهارا من ود، ونسائم من مودة وخفقات قلوب عديدة من مشاعر صادقة نجعل كل ما واجهناه من عناء قبل العيد مقبولا. ويمر العيد.. يغادرنا بعد ان يرسم في الوجدان ذكريات، ويأتي «بعد العيد» لنكتشف كم يا الله علقنا على مشجبه من احمال، يفاجأنا حجم القضايا التي طرات قبل العيد، فتعذرنا بالعيد، والقينا بها في بئر الغيب الى «بعد العيد» وترانا نندم عندما نكتشف كيف ان التاجيل الحق بنا ضررا وان التاخير زاد من معاناة كان يمكن ان نتجنبها ونوفر على انفسنا مالا وجهدا تضاعف لكي نقدر على انجاز ما اجلناه ويزداد الامر سوءا حين يضيع منا ما اجلناه لانه كان مرتبطا بزمنه.
العيد.. كل عيد عنوان للخير.. ففيه تصبح «كل عام وانتم بخير» سيدة الحديث وعنوان الخطاب واكثر الهدايا تبادلا وتداولا بين الناس، هو دعاء خير نظن انه دعاء صادق صادر من قلب كل من قالها، دعونا نجعل هذا الخير يمتد الى «قبل العيد» فيغمره ويبقى الى ما «بعد العيد» فيزينه.. ماذا لو جعلنا كل ايامنا.. قبل وبعد العيد.. نتداول فيها «كل عام وانتم بخير».

[ الموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. وإنما هي وجهات نظر أصحابها، ونحن نقوم بنشرها إيماناً منا بحرية الرأي وفتح نافذة للنقد البناء وتبادل الأراء.. ومن حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد على أن يشير برابط الى موقعنا. ]

موقع إنترنت: www.poddcastnews.com - بريد إلكتروني : info@poddcastnews.com