( مجانين ) وسط البلد ...!
عمان تايمز - Saturday 15-10-2011 11:58
عمان تايمز - برزت في الاونة الاخيرة ظاهرة غير حضارية تتمثل بالانتشار اللافت للمرضى النفسيين والمتخلفين عقليا على حد سواء، في معظم مناطق وسط البلد، التي تعج بالسياح العرب والاجانب في هذه الفترة بالذات.
هؤلاء المعتلون نفسيا والمعاقون عقليا يتجمعون في قاع المدينة بهيئات  رثة تثير الخوف وبعضهم من النوع الشرس الذي لا يتوانى عن اعتراض المارة، واخرون هربوا من ضغوط نفسية ناجمة عن قسوة اجتماعية او معضلة صحية او ظروف مالية، اوصلتهم الى حالات نفسية لم يجدوا منها ملاذا سوى التقوقع في مناطق عمان القديمة على الادراج وابواب المحال التجارية وجولات راجلة على ارصفة الشوارع وتظهر على محياهم الاتعاب النفسية التي ارخت بظلالها على تصرفاتهم وملابسهم الرثة!
تجار وسكان قاع المدينة يقولون انهم يعايشون واقعا مؤلما في تفشي ظاهرة انتشار المرضى النفسيين في شوارع عمان بصورة خاصة، وهم في وضع انساني مؤلم وفي حالة صحية خطرة اضافة الى تصرفاتهم التي تلحق الضرر بهم وبالاخرين على حد السواء، ويهيم هؤلاء المرضى الذين يرتدون ملابس رثة على وجوههم وسط زحام السيارات، معرضين حياتهم للخطر.
»الشاهد« وعبر ايام من التواجد في وسط البلد رصدت المشهد الذي يعتبر من المشاهد السلبية في العاصمة، في ظل غياب كامل اطراف الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة التنمية الاجتماعية »صاحبة الاختصاص«، الامر الذي اسهم ولا يزال في انتشار المزيد من المرضى النفسيين والمصابين باعاقات عقلية، ليكون قاع المدينة مستقرا لهم!
قصص مؤلمة وحكايات غامضة
خمسيني تعرض لضغوطات حياتية متعددة تسببت باصابته بمرض نفسي يقول: »انا انزل الى وسط البلد يوميا« مشيرا الى انه كان يعمل مترجما ولديه عدة مؤلفات قبل ان يتعرض لامراض نفسية، جعلته يركن في اطراف الادراج العمانية بحثا عن الظل ليتقي حرارة الشمس، ويحصل على مساعدات نقدية من المارة دون ان يعمد الى التسول.
ويرجع ذلك الخمسيني متاعبه الى ذويه وتعاملهم المتشدد  معه بالاضافة الى النظرة الاجتماعية للمريض النفسي، مشيرا الى انه يواظب على التواجد في قاع المدينة يوميا بسبب توفر الخدمات المتعددة من مطاعم باسعار شعبية ومقاه وسرعة الوصول لوسط البلد.
ويقول مريض نفسي اخر يبلغ من العمر (55) عاما انه استكمل دراسته للادب الانجليزي من احد المعاهد وعمل بعدها في السعودية، ونتيجة لضغوط الهجرة وقع في اسر الظرف النفسي الذي تعالج منه في البداية وعزف عن العلاج اخيرا لتأثيره على الجسم بسبب استخدام الصدمات الكهربائية في احد المصحات الرسمية.
ويضيف ان والديه توفيا وكان يقيم عند شقيقه الاكبر الذي  توفي ايضا، الامر الذي جعله يلجأ للاقامة في وسط البلد باحد البيوت المهجورة، مشيرا الى انه يجد متعة في التجول في قاع المدينة ورؤية الناس لانه يمقت الوحدة، بحسب وصفه.
شاب اخر يمشي على امتداد شارع الملك فيصل الاول وقد اطلق  العنان لشعر ذقنه بصورة عشوائية وملابس بالية ويقوم بعمل حركات من العاب قتالية (كراتيه) و(تايكواندو) وهو من النوع الشرس حيث شهد مساء الخميس الماضي حالة هيجان جعلته يعترض المارة ويحاول الاعتداء عليهم قبل ان تتدخل الشرطة وتسيطر عليه.
Foreground Color
as9
خطورة بالغة ومسؤولية غائبة
وتتواصل المشاهد »غير الحضارية« ونحن نرى شابا اخر يركض من بداية سوق الذهب الى شارع السلط ذهابا وايابا يتخيل انه يقود دراجة  هوائية  ويمشي بتعرجات ويرتطم بالمارة في لجة انفعاله وخياله الذي جعله يعتقد انه فوق دراجة هوائية!
ويرقد مريض اخر امام  احد المطاعم الكبرى في نهاية شارع الملك فيصل الاول، مفترشا الارض وملتحفا بطانية على الدوام حتى في وقت الظهيرة الذي ترتفع خلاله درجات الحرارة الى اعلى مستوياتها.
مدير المطعم الذي ينام امامه هذا المريض قال: هذا الرجل لا نعرف شيئا عنه، فهو يمضي فترات طويلة ثم يختفي قبل ان يعود مرة اخرى الى موقعه، لافتا الى انه على هذه الحال منذ اربعة اعوام.
اما تجار سوق الذهب فلهم حكايات مع متخلف عقلي ضخم البنية يرفض ان يغادر المتجر الذي يدخله الا بعد ان يحصل على (دينار) كحد ادنى وسط صراخ عال يطلقه ذلك الشاب الذي يكون دوما في حالة هيجان شديدة.
وشر البلية ما يضحك .. اذا ما علمنا ان احد المتخلفين العقليين بلحيته الكثيفة وملابسه الطريفة وفوق ما يعانيه من اعاقات عقلية يقوم بتناول الخمور كلما توفر له نقود يحصل عليها عن  طريق الاستجداء والتسول! الى ذلك يطالعك مريض اخر وهو يقوم باطلاق خطبة عصماء يشتم من خلالها اليهود ويدعي انه سيقوم بتدميرهم وقصفهم بالنووي، واخر يردد بصوت مثير "
بدي اضرب الشيطان "!
اما في شارع الرضا فقد اعتاد السكان رؤية مريض نفسي يجلس من الصباح الباكر حتى وقت متقدم من الليل امام احد المنازل بهيئة رثة، ولم تمنعه حرارة الشمس وقت الظهيرة من عادته اليومية، بل انه لا يتحرج من محاولة ايقاف اي سيارة تمر في الشارع.
تجار وسكان يؤكدون خطورة الوضع
بدوره طالب احمد الشرقاوي (احد تجار سوق الفيومي)  وزارة الشؤون الاجتماعية ومستشفى الصحة النفسية، بالعناية بهؤلاء المرضى، وعدم تركهم هائمين على وجوههم في الشوارع.
ولفت الى ان بعضهم مشردين، ويجب ايواؤهم وتقديم الرعاية لهم، داعيا الى ضرورة تدخل وزارة التنمية الاجتماعية لدراسة حالتهم والبحث عن الاسباب التي حولت اوضاعهم الى ظاهرة متنامية في وسط البلد على وجه الخصوص.
واوضح رياض محمد سالم الصرايرة (احد سكان عمان) انه لم يكن يشاهد هؤلاء المرضى في الشوارع بهذه الكثرة سابقا خلافا للوقت الحالي، متسائلا عن دور الجهات ذات الاختصاص في تحجيم هذه الظاهرة، ومطالبا المسؤولين بالتدخل لمعالجة هذه المشكلة قبل استفحالها، خصوصا ان المرضى اصبحوا يشكلون خطرا على انفسهم.
ويرى التربوي بكر خليل ابو بكر ان الاوضاع الاقتصادية اسهمت في رفع اعداد المرضى النفسيين، مشيرا الى ان وسط البلد اصبح مركزا لتجمعهم بالاضافة لتواجد المتخلفين عقليا ملقيا باللائمة على الجهات الرسمية التي لا تبدي اي اهتمام بمكافحة هذه الظاهرة ومعالجتها.

[ الموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. وإنما هي وجهات نظر أصحابها، ونحن نقوم بنشرها إيماناً منا بحرية الرأي وفتح نافذة للنقد البناء وتبادل الأراء.. ومن حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد على أن يشير برابط الى موقعنا. ]

موقع إنترنت: www.poddcastnews.com - بريد إلكتروني : info@poddcastnews.com