عمان تايمز - فجرت الانتخابات البلدية التي ستجرى نهاية كانون أول المقبل فوضى واسعة وضعت الدولة في مأزق كبير وذلك وفق ما رآه مراقبون .
وخلال الأيام الماضية شهدت مناطق عدة في المملكة اغلاقات للطرق الحيوية وأعمال شغب واسعة تخللها تجول عدد من الأشخاص باللاسلحة في الشارع العام وكان ذلك ليس بعيدا عن مرآى الدولة وأجهزتها .
ورغم النداءات الكثيرة والمطالبة باستئصال فوري للورم الذي بدأ يتنشر شيئا فشيئا ,آثرت الحكومة الصمت على ما جري وكانت خطوتها عبارة عن ردة فعل لمعالجة التبعات .
ويرى الكاتب والباحث الدكتور محمد أبو رمان أن "ما يحدث تجاوز مرحلة الفوضى ليعطي مؤشرات أكثر خطورة، عادّا الانتخابات البلدية احد عناوين الأزمة السياسية وفقدان الثقة بالدولة".
وقال أبو رمان إن" الدولة بالمقابل مرعوبة وغير قادرة على اتخاذ القرار وفرض القانون على الجميع. محملا المسؤولية الكبرى لدوائر القرار بصفتها أساءت التخطيط".
وأضاف: لم تحضّر الحكومة "درسها" جيدا فاعتبرت إن ما يجري من إشكاليات حول الانتخابات البلدية وتقسيماتها هو "ثقافة اجتماعية" وهذا خطأ فادح. مؤكدا ان القانون ترك مساحة رمادية غير مفهومة لدى كثيرين.
واعتبر أبو رمان تعامل الحكومة مع مسألة البلديات كان فيه "استرضاء عشوائي" لبعض الشخوص السياسية مما غيّب مفهوم الإدارة السياسية الحثيثة عن هذه الحكومة. معتبرا ان "الأولى بالانتخابات البلدية أن تكون عتبة للإصلاح وتأكيدا على النوايا الإصلاحية الحكومية ،وإذا بها أزمة تتدحرج وتكبر ككرة الثلج شاملة معها كل المشاكل والأزمات الأخرى".
واتفق أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور مع أبو رمان فردّ وجود المطالبات لاستحداث بلديات أو فك ارتباط أخرى إلى قصور قانون البلديات ونقص الحوار بين الحكومة والمواطنين. مؤكدا على أن الحكومة تسرّعت في إقرار قانون البلديات ثم تحديد موعد الانتخابات البلدية لتشعر المواطنين أن عجلة الإصلاح تسير.
وأضاف : لقد حذر الحزب الحكومة مبكرا من عواقب الاستعجال في الانتخابات إلا أنها لم تلتفت لتحذيراته، معتبرا أن الأمر بات يستدعي معالجة حكيمة للموقف وقرارات مقنعة للمواطنين.
رئيس تحرير صحيفة" العرب اليوم" فهد الخيطان قال إن ملف البلديات تحول إلى أزمة حقيقية بدلا من إن يكون بداية للإصلاح بسبب الأداء المرتبك للحكومة، مبينا إن الإجراءات التي اتخذتها الأخيرة أغرت قوى اجتماعية بالتعرض لهيبة الدولة مما جعل الأردن الآن إزاء فوضى كبيرة لا تسمح لأحد بضمان انتخابات حرة ونزيهة.
واعتبر الخيطان أن الحكومة تمتلك موعدا لإجراء الانتخابات بينما لا تملك آلية وخطة لما بعد الانتخابات، موضحا إن " نزاعات كبرى ستحصل بين البلديات الجديدة والمستحدثة على الموظفين والآليات كما سترث البلديات الجديدة من القديمة مديونيات هائلة".
وأضاف أن "الحكومة الحالية وضعت الحكومة التالية في أزمة ستجعلها تخصص قدرا كبيرا من ميزانيتها للبلديات فقط"، مستغربا من ان" قرار دمج البلديات استغرق عشر سنوات، بينما استغرق قرار فكّهم بضع أيام".
بينما اعتبر النائب الدكتور عبد الله النسور أن الارتجال والتفرّد بالقرار والخروج على الترتيبات الموجودة في القانون للانتخابات البلدية أثّر على هيبة الدولة في كل المجالات، مضيفا أن هناك عينة تطفو على سطح الشارع الأردني كلما دخلت المملكة مرحلة من مراحل الحياة السياسية.
ومثّل النسور على سوء التخطيط لهذه الانتخابات بالموعد الذي حددته الحكومة لإجراء الانتخابات تزامنا مع امتحانات الثانوية العامة، والتي تشمل حوالى 170 ألف شابّ وشابّة جميعهم في سن الاقتراع، موضحا أن تحديد هذا الموعد دون دراسة جزئية امتحانات الثانوية احدث إرباكا كبيرا سواء في المدارس التي ستشمل التسجيل للاقتراع والفحص معا، أو للطلبة أنفسهم الذين سيعزف عدد كبير منهم عن المشاركة في هذا العرس الوطني، مما سيؤدي لهبوط نسبة الاقتراع.
وأضاف النسور أن تخبط الحكومة "هدية هبطت من السماء" لمعارضيها المراقبين الذين سينتقدونها عازين قلّة عدد الناخبين إلى مقاطعة الانتخابات وليس إلى سوء اتخاذ القرار الحكومي. |